أبو العيال حامل وبنته ولد العدد 30

نشأ أبو العيال في بيئة محافظة، وتعوَّد على أن يكون صارما مع ذاته، فلا يسمح لها بالتمرد على المتعارف عليه من العادات والتقاليد، ويعتبر ذلك من الثوابت التي لا ينبغي زحزحتها قيد أنملة، وظل في حركاته وسكناته بورتريها جامداً وصخرة صفواء تتحطم عليها أمواج التغيير والتطبيع  ولكن أعاصير النظام العالمي الجديد، خلخلت مسلَّماته، وأجبرته على القبول بالأمر الواقع والتعايش-على مضض- مع هذا الوضع بكل متناقضاته

*****

يصدر هذا النظام قراراً بضرورة انسحاب سوريا من لبنان، فتنسحب ويكون جزاءها المزيد من العقوبات  ويصدر قرارات تمنع إسرائيل من توسيع المستعمرات، والكف عن بناء الجدار العازل لكنها تمتنع، وتكون عقوبتها المزيد من المساعدات، واستعمال حق الفيتو لتجنيبها كل المتابعات

وتحاول إيران تطوير تقنيتها النووية، فتقوم الدنيا ولا تقعد، بينما نجد رعب اسرائيل يقترب منا ولا يبعد

وهناك رؤساء دول انتخبوا ديمقراطياً، لكنهم يسبحون ضد تيار النظام الجديد، فتهتز قصورهم، ويُفْتَضَح قصورهم  وفي المقابل، رؤساء قدموا إلى الحكم على دبابات، وعرفوا كيف يسايرون الانسيابات، فحافظوا على كراسيهم  ولم تعوزهم انتخابات، ولم تزعجهم اضطرابات
هذا خطاب سياسي يهم علية القوم والنخب، وذوي النياشين والرتب، أما أبو العيال فلا يلتفت إلى السياسة، ويتركها لذوي الدراية والكياسة  إلى أن جاء يوم، وجد فيه نفسه في المعمعة، مغلوبا على أمره إمَّعَة

تزعزعت ثوابته، واختلطت عليه الأمور، وصار لا يميز بين الصالح والطالح، وما يسمع من الكلام سوى الجارح

كان عهده بالمثلية الجنسية شذوذاً ممقوتاً، فإذا به يشرع زواجاً دائما أو موقوتا
إلى هذا الحد مازال أبو العيال في نجوة من السيل العارم، ولكنه محاصر بموج متلاطم، وقد يجبر-إن عاجلا أو آجلا- أن يصبح حاملاً، وبنته صابرين ولدا كاملاً
نعم نحن في زمن المساواة بين الجنسين في العائلة ومن حق أم العيال أن تتمتع بحقوقها كاملة، فتطالب أبا العيال بمقاسمتها عذابات الحمل والوضع والإرضاع، وبما أنها أنجبت صابرين وأيمن ، فعلى أبي العيال أن يجرب تاربح الوحم والمخاض، ويتقبلهما بروح ديمقراطية دون اعتراض
أما صابرين أخت العيال، فإنها دخلت دنيا الرجال، لم يرقها جنسها اللطيف، وآثرت عليه بوشعيبî العنيف

هاهو أبو العيال حامل ولود، وبنته رجلٌ صلب العريكة والعود، لكن كيف السبيل إلى تكييف هذه النوازل، البنت رجل، والرجل حامل حَدَثٌ جَلَل للقانون والشرع مُخاتل، والعُرف اللغوي لا محالة زائل، فليس عدلا بعد اليوم أن نصف المرأة دون الخلائق، بأنها حامل وطالق، وأنها وحدها على الخلود، إما عاقر أو ولود، ولنيبقى الرجل معارضاً أن يصبح مرضعاً وحائضا

هذا من إفراز النظام العالمي الجديد، وأتحدى كل ملاسن عنيد، أن يميز بين المضر والمفيد، لم نساهم في ترتيبه من قريب أو بعيد، ونصبح كل يوم على جديد، ونتساءل هل من مزيد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top