يتطيَّر أبو العيال من مصطلح الأهدافî ويُوجس خيفةً من التهديف وتحديد الأهداف والفئة المستهدفة، فلمَ الطيرة يا أبا العيال؟
***
شُرع في استعمال لفظة الأهداف كمصطلح عسكري، يتداوله العسكريون أثناء تدريباتهم على تحديد الأهداف، وإصابة عتاد العدو بإتلاف
وشهد المصطلح رواجاً في حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، فكثرت البلاغات العسكرية التي تستعمل ? إصابة هدف بحري كبيرî وهذا يعني تخريب ناقلة بترول النظام البائد في العراق يصيب أهدافاً بحرية لإيران، وإيران ترد بالمثل، والحليف يزيد النار حطباً، وإسرائيل ترقص طرباً، ووصلنا نحن في المغرب شيء من هذه الأهداف، عندما جنحت سفينة ?خرجî وألقت بذات بطنها على مقربة من سواحلنا، وكاد ويلها يخرج علينا ولولا الألطاف الإلهية التي أجرت الرياح بما يشتهيه الملاح
ثم جاءت أمريكا لتحرر العراق والعراقيين، من الاستبداد والإرهابيين، فبدأت بتحديد هدف شامل، استمر لمدة عقد كامل، فأهلكت الزرع والضرع، وأضرت بالبلاد والعباد، أما دهاقنة الاستبداد، فلم يعوزهم ميز ولا عتاد
هكذا تحدد الأهداف، ببعد نظر وإشراف، وتُعلَنُ أهداف بديعة، تتخذ ذريعة، وتُبيَّت أخرى لا تجيزها شريعة
كذلك أمر التدريس بالأهداف عندنا، تمخض الجبل فولد فأراً، أو فأرين على الأصح، أعني صنفين من الأهداف، خاصة وعامة، فالخاصة تتناول المجالات العقلية والوجدانية والحس حركية للفئة المستهدفة، وهذه كمن يقصف عشوائياً أبنية عشوائية، قد يصيب هدفاً وقد لا يصيبه أما الأهداف العامة، فقد ثبت قصورها وحسورها، وإليكم هذه العينة
1 تعميم التعليم لنقل إنه تحقق، ولكن كيف تحقق؟ حشر خمسين تلميذا في قاعدة واحدة لا يحقق الأهداف، ناهيك بجمع مستويين في قاعة واحدة، وكأننا في برج بابل، وهانحن نراهن بعد عمر طويل أن يخف الاكتظاظ بفعل تراجع النمو الديموغرافي، كما راهنَّا سابقا على الرياح التي أبعدت ?خرجî وبترولها الطافي
2 التعريب هدف نبيل، لكنه لا يتحقق إلا باكتمال تعريب التعليم، وإلا أصبح التلميذ كالغراب الذي ضيع مشيته، ولم يتقن مشية الحمام، فكيف يعقل أن يدرس التلميذ لما يربو عن عشر سنين مواده العلمية باللغة العربية، ثم ينتقل فجأة إلى الفرنسية في التعليم العالي، وأكثر من هذا نجد مؤسسات جامعية تجري مباريات يشارك فيها هؤلاء المعربون مع زمرة من المفرنسين، فلا ينجح من المعربين إلا من رحم ربك، أليس هذا حصارا ألم يكبل التلميذ بالتعربب حتى يستحكم فيه الشلل اللغوي ثم يُدعى للتباري مع الصفوة المدربة؟ أما يصدق عيله قول الشاعر
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
3إدماج الخريجين تتخرج كل سنة جحافل من الطلبة بشهادات عليا، لكنها شهادات من ورق، تَفَصَّد من أجلها جبينهم بالعرق، ولكنها لا تنقذهم من الغرق، في بحر التشاؤم والحنق، وكان أولى بنا أن نعدهم لما بعد التخرج بإكسابهم مهارات قد تساعدهم بتدرج على ولوج سوق العمل دون تحرج
وبعد سنوات عجاف، وسفسطة وإرجاف، عاد القوم إلى إدعاء العفاف والكفاف، وقالوا ما لا يدرك كله لا يترك جله، فلندرس بالكفايات ونتوخى أفضل الغايات ولنا عودة لمثل هذه الحكايات
إدريس عفارة