التعريف بأبي العيال المحمدي العدد 65

لطالما حدثنا أبو العيال المحمدي، وتحذلق في كلامه، ورغم أنه دون كيشوت زمانه، يتوق إلى ملء الدنيا عدلاً بكل كيانه

له صولات وجولات في كل المعمور، وعلى كل أشكال العسف يثور، بدءاً من معاناة المواطن المغمور، ومروراً بالموظف المقهور، ووصولاً إلى السياسي المشهور

يدفع أحيانا إلى قول الزور، بزعم أن الأرض لا تدور، فيقول مكرها،  لاتدور ويستدرك فورا  ولكنها تدور  وهاهو يعرفكم بنفسه مجردة من كل غرور

*****

 عرفتموني بدندنتي في سرد الأحداث والاحتجاج لها، وها أنا سأتنازل عن دندنتي مختاراً، كما أن الراوي حر في دندنته، فنحن في عصر الديمقراطية وحرية التعبير، وكل رأس تعجبه دنادنه  وعلى ذكر الدندنة، أذكر أنني قرأت منذ زمان حديثا نبويا لا أحفظ متنه، ولكن سأنقل، معناه، يروى أن رجلا من الصحابة اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لسانه لا يطاوعه بأدعية جيدة الصياغة، وبالتالي يتعذر عليه أن يأتي بدندنة كدندنته عليه السلام وبعض الصحابة، فسأله عما يقول في أدعيته، قال الرجل  أقول اللهم اغفر لي ذنبي، وأدخلني جنتك، فقال الرسول ص بمثل هذا ندندن

إذن العبرة ليست في الدندنة، بل فيما وقَّر في القلب وصدَّقه العمل

أعرفكم أحبائي أن أبا العيال كنيتي، وأنا بالمناسبة، لست لوحدي أبا للعيال، فالخلق-كما في الأثر- عيال الله، وأحَبَّهم إليه أرحمهم بعياله، فمن سرف القول أن أحتكر هذه الكنية، بيد أن كل من عمل على إحقاق حق أو إزهاق باطل يعتبر أبا لليعال

أما نسبي المحمدي، فبه أنتمي إلى سيدنا محمد عليه السلام، وحري بمحمدي مثلي أن يغار على سيد المرسلين، ولكن كما سبق أن قلت، لا أحتكر الغيرة، أو أطورها إلى انفعال يبعدني عن جادة الصواب، وأصير -جهلا مني- ظالما وأنا مظلوم

أؤيد وأتبنى وأشارك في كل احتجاج ضد رسوم الإساءة لرسولنا الكريم، من مظاهرات ومقاطعة بضائع وتنديدات وتصريحات تنشر على صفحات الصحف الورقية والإلكترونية بشرط أن تكون رسالتي واضحة وتمارس بتحضر، وعليَّ أن أستحضر أن كل تصرف أهوج يضر بالقضية أكثر مما ينفعها

إن يداً آثمة نشرت الرسوم لتستفز المسلمين، وتصرفهم عما كانوا بصدده من ترميم لجسور التقارب والسلام مع غيرهم، وفي الوقت نفسه لقياس درجة حيويتهم رسميا وشعبيا، فليس صدفة أن يتحمس وزير إيطالي أو صحافي أمريكي أو غيرهما لنصرة حرية التعبير بما يسيء لمعتقدات يعلنون عداءهم لها، القاضي نفسه لا يقبل شهادة شاهد إن ثبتت عداوته للمدعى عليه

علينا أن نبين -قولا وفعلا- أن في الإسلام نزعة عقلية تجعل الديانات تتعايش في كنفه، وتتكامل الحضارات، وتتحاور الثقافات، والتاريخ شاهد على ذلك  وعلينا أن نعلم بأن الغربيين مازالوا إلى اليوم لا يعرفون الوجه المشرق للإسلام، كل ما يصلهم مشوه، في القديم كان الصراع بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، وكل ما كتب عندهم حول الإسلام مسيء ومفترى به

وفي القرن العشرين، تخلصوا من التعصب الديني، ولكنهم وقعوا تحت تأثير الصهاينة وغلاة المسيحيين، وصارت لهم عينان عين السخط يحدجون بها المسلمين، وعين الرضى يغازلون بها الآخرين
نحن مسؤولون أمام التاريخ، علينا أن نعمل جاهدين من أجل تلميع صورتنا في الغرب، والابتعاد عما من شأنه أن ينمي لدى الغربيين الشعور بما يسمى  إسلاموفوبيا  وذلك عندما نجمعهم في سلة واحدة دون تمييز بين مذنب وبريء، فيؤخذ البريء بجريرة المذنب

من حق أبي العيال أن يعلن اشمئزازه بكل الوسائل الحضارية ممن يسخر من مقدساته، ومن حقه أن يلوم المتقاعسين عن التنديد بالمذنب، وعليه في المقابل أن يعمل على التعريف بالنموذج المعتدل من الإسلام، فجل الغربيين يجهلون أن الإسلام يتعايش مع الديانات، ويحرم الميز العنصري، ويجيز الطلاق عند الضرورة، وهذه مزايا لم يعرفها الغرب إلا حديثا بينما هي قديمة عندنا قدم الإسلام

خطابنا يدعمه الحق والمنطق، ونحن في حاجة إلى حكماء يحسنون التقريب، وليس إلى دهماء يتقنون التخريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top