نشرت جريدة El pais.es يوم 2006/5/30 مراسلة للصحفي إيگناثيو سيمبريرو sembreroIgnacio من طنجة، ورد فيها أن حفل افتتاح متحف المرشال أمزيان حضره سفير إسبانيا بالمغرب الذي انتقل من الرباط إلى الناظور في طائرة خاصة وضعتها عائلة أمزيان تحت تصرف المدعويين، وفي الناظور التقى بالجنرالين اللذين رافقاه من أجل التمثيل الرسمي لإسبانيا، وذكَّر الصحفي بملف المارشال أيام الحرب الأهلية الإسبانية وما ارتكبه من فظاعات، واستشهد بمقتطفات من مؤلفات المؤرخين، روسادي مادارياگا R .
Demadariaga و G. Cordona والأمريكي John Wittaker ، هذا الأخير أورد له حكاية اغتصاب شابتين دون العشرين من طرف أربعين مغربيا، إحداهما كانت تحمل بطاقة انتماء نقابي، أما الأخرى فتبرأت من كل عمل سياسي، ولما استنكر الصحافي الأمريكي هول ما شاهد وسمع، أجابه أمزيان مبتسما »إنهما على كل حال لن يعيشا أكثر من أربع ساعات ” ويضيف سيمبريرو أن فرانكو بعد الحرب الأهلية رقى أمزيان إلى أعلى المراتب العسكرية، وازداد بعد التحاقه بالجيش المغربي علوا، ويردف الصحفي بأن فرقا برلمانية طلبت توضيحات من الحكومة حول حيثيات هذه المشاركة .
وفي هذا الصدد ذكرت El Semanal digital يوم 2006/5/14 أن وزير الخارجية موراتينوس، في إطار جوابه، تعلل بأن المدعوين لبوا دعوة قُدمت لهم، ولم تقبل الجريدة تبريرات مورانتينوس، واعتبرت أن العذر أكبر من الزلة وقالت :»أيعقل أن تلبى كل دعوة دون تدبر خلفياتها؟ … ولكن Rodriguez وموراتينوس لا يقويان على قول »لا« لـ »محمد« أبدا«.
وكانت مادارياگا في عدد 2006/6/09 من Elpais.es قد أشادت بما يكتبه سيمبريرو، واعتبرته عين عقل كل ديمقراطي ينشد بناء علاقات طيبة مع مغرب ما بعد الاستعمار، ودعمت وجهة نظره التي وردت في مقالة له نشرها يوم 2006/6/04 في جريدة Elpais.es ، تحت عنوان “الانتصار الأخير” لمزيان، الجينرال السفاح، فقالت: إن أمزيان نتاج النزعة الاستعمارية في أبشع صورها، استعمل الأساليب الوحشية ضد مواطنيه المغاربة قبل تكرارها في الحرب الأهلية…
من حق السيدة ليلى أمزيان أن تكرم أباها، وللسلطات المغربية الحق نفسه، لكن ما يؤسف له حضور المسؤولين الإسبان، فهذه ليست مناسبة للتقريب بين الشعبين، ويرى كثير من المغاربة ضرورة الإطلاع الجيد على تاريخ بلدهم وتصحيحه ومن ثم تحمُّله دون مركبات أو عقد .
حول المارشال أمزيان وسيمبريرو
في يوم 2006/06/12 كتب ماركوس روبر Marcos Rober من مليلية المحتلة رداً على سيمبريرو، ونشره في El telegmama.com ، مما جاء فيه:
– إن إنشاء متحف المارشال أفرز ردود فعل بين مؤيد ومعارض.
– التبصر يمنعنا من الانجرار مع المدعو سيمبريرو، الذي نعت المارشال بأنه سفاح وموالٍ للإنقلابيين.
– التعجب من فورة غضب سيمبريرو الذي لم يحسن استعمال مراجعه.
– سمبريرو متشبع بأفكار اليسار السياسي.
– من الخطأ نعت أمزيان بلقب السفاح لمجرد أنه اقتحم حروبا وانتصر فيها، وهذا هو المطلوب من كل عسكري.
– خصلتان تجعلاني أعتبر المارشال أمزيان أفضل عسكريي جارنا المغرب.
– أولهما إخلاصه للنظام السياسي الذي يخدمه : الملكية في إسانيا قديما، مرورا بتعليمات بريمو دي ري?يرا Primo de Rivera (احتلال المغرب) فالجمهورية الثانية، ثم الدكتاتورية الفرانكوية.
كان وفيا للملكية في المغرب أيضا، فقد ساهم في تكوين الجيش بعد الاستقلال وحاز أعلى المراتب في الدولة العلوية.
أما الخصلة الثانية، فهي كفاءته كعسكري محنك في الميدان، وخبير في الاستراتيجية الحزبية، حكى لي أحد أبنائه بأنه حصل على وسام الصليب الحديدي للجيش الألماني لتكتيكه في معركة إيبرو Epro الملحمية وبراعته في كسبها، وهذا لا يطعن البتة في شخصية المارشال، عموما فإن الموضوع الذي كتبه سمبريرو ملقبا إياه بالسفاح، يحتاج إلى وثائق تثبت ما ذهب إليه من فهم ساذج غبي . فاستثناء جرحى طليطلة من الجبهة الشعبية، والفتاتان اللتان يحتمل أنهما اغتصبتا، وهما حدثان نقلهما سمبريرو وحاول التعمق فيهما عن كتاب روسادي مادارياگا، وهو كتاب طويل عريض غير موثق.
أما الاغتصابات، فأي الرجال المهذب؟ كأن الجبهة الشعبية لم تقترف اغتصابات ولا جرائم طيلة أيام الحرب، لو أن هذا الاشتراكي السريع الغضب اشتغل عليها للمع نجمه، إدانة البعض وتبرئة الآخرين أصبح معمولا بهما في الصحافة الإسبانية هذه الأيام، وبخاصة عندما يتعلق الأمر باليساريين.
لم يكن أمزيان أكثر سفكا للدماء من الألوية الشيوعية وفوضويي الجبهة الشعبية، الذين ناضلوا من أجل إقامة دولة بروليتارية خلال الحرب الأهلية ويتمادى زيغ اليساريين عندما يعتبرون أمزيان هو الذي قمع الريفيين في انتفاضتهم سنة 1958 ، فإن كان سيمبريرو قد استقى معلوماته من كتاب روسا فلا أستغرب هذه السلسلة من الحماقات.
لقد حدث بالفعل تمرد في الريف، أشعلت فتيله سياسة التمييز المنتهجة من طرف الملكية العلوية وحزب الاستقلال الذي كان وقتها في الحكومة، زعيم الحزب علال الفاسي منظر الوطنية المغربية والتوسع الترابي للمغرب، هذا التوسع الذي يزري بنظيره عند النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وإلا فاسألوا أهل الصحراء!
بالتأكيد كان علال صديقا لروسا مادارياگا . التقت روسا هذا الزعيم الفاشيستي المغربي في منزله بالرباط، وأجرت معه استجوابا يبعث على الغثيان، يمكن أن تقرأوه في أطروحتها للدكتوراه بعنوان “إسبانيا والريف “.
كان المارشال أيامها قائد أركان الحرب العامة، عين من طرف الملك محمد الخامس عوض ابنه الحسن الثاني، لا ريب أن العاهل قد عرف ما أقدم عليه، في سنة 1985 ، قبل استفحال الأمور، بُعث المارشال من أجل التوسط بين الحكومة والتوار الريفيين، فنجح في منع وصول خمسة عشر ألف ريفي إلى مدينة الناظور، ونشر عدداً من القوات العسكرية في الحسيمة من أجل حماية الجالية الإسبانية التي لم تكن قد غادرت المدينة بعد، هذا الموضوع غير معروف، ولكنه مشرف للمارشال، على كل حال، باءت جهوده بالفشل، وبقي الخيار القمعي، أطروحة الحسن الثاني والكولونيل أوفقير.
وهكذا تطور القمع من تطوان حيث كانت للحسن الثاني قيادته العامة، ومن الناظور حيث الكولونيل أوفقير بمصفحاته، ومن الحسيمة نفسها نزل من البواخر جنود مغاربة بمساعدة فرنسية كالعادة، كل هذا يدل على أن أمزيان كان مبعدا عن العمليات .
في أفني، نعم، حكى لي أحد أقاربه، أن المارشال تحت ضغط جيش التحرير المغربي، قام بدور بارز في التوسط بين المغرب وإسبانيا ليحول دون نشوب نزاع مسلح، وتنازلت إسبانيا عن جزء كبير من الأراضي للمملكة العلوية …
أنا لا أستغرب أن يتهم أمزيان في المغرب بالعمالة للمخابرات الإسبانية، وإن كانت المعلومات التي يرسلها من الرباط إلى إسبانيا تتعلق بصاحب البيت نفسه….
أخيرا أجد ردة فعل الحكومة الاشتراكية على من يعارض حضور عسكريين إسبان في تدشين المتحف، أراها ضربا من البلادة والحمق، فقد تعودنا هذه الشطحات من اشتراكيي الصالونات، هؤلاء الذين يحكمون إسبانيا، أعتقد جازما أن وزير الدفاع كان على علم بشأن رئيس القوات البرية يوجد في بني أنصار في هذه المهمة وببذلته الرسمية، أنا شاهدته بأم عيني، وإن كان الوزير لا يعلم بهذا فعليه أن يقدم استقالته…
علينا أن نحلل تاريخ إسبانيا بدون عقد ولا أحقاد، وليس كما فعلت روسا دي مادارياگا في كتابها على التأكيد.