اختارت الصحافة الإسبانية لهذا الأسبوع كعادتها موضوعات متنوعة مثل الصيد البحري والهجرة السرية والتهريب والاستثمارات في العقار والفلاحة، لكن صحيفة Surdigital.es! ابتهجت لازدياد أول مولود سبتي في سنة 2007 من أبوين مسيحيين لأن العادة جرت -ومنذ سنين خلت – أن يكون المولود الأول في السنة من أبوين مسلمين، وذكرت صحيفة أخرى أن المواليد الثلاثة في مدريد خلال الساعات الأولى من 2007 كانت بينهم مغربية .
اختارت كل هذه الصحف أن تحدق بعيونها في مغرب اليوم، لكن صحيفة El Foroceutamelilla.com اختارت أن تعود خمسين سنة إلى الوراء لتذكر باستقلال المغرب، فلنقرأ ما كتبته هذه الصحيفة السبتية المليلية يوم 2006/12/31 عن أربع وأربعين سنة من الحماية، إنها حقا أم الأربع والأربعين.
1956 سنة استقلال المغرب.
ساهم الخطأ الجسيم الذي ارتكبته فرنسا بعزل محمد الخامس في غشت 1953 في تأجيج النزعة الوطنية المغربية والمطالبة بالاستقلال، وبنفيه بدأ العنف يحصد ضحاياه، ورأى الوطنيون أن قضيتهم عادلة.
الشعب بكل طبقاته يطالب برجوع الملك الشرعي، فتحقق حلمه بأسرع مما كان يتوقع ورفع الحجر عن البلد.
عاشت سبتة هذا القضاء المحتوم بغير قليل من القلق والأحداث والأصداء، والتي جعلت مدينتنا مرتبطة بكثير من حيثيات جارنا المحمي.
في اليوم الثاني من مارس، وبعد عشرة أيام من المفاوضات، توصلت فرنسا والمغرب لاتفاق ينص على وجوب استقلال هذا البلد الإفريقي.
وبعد ذلك، وعلى الساعة السادسة من صبيحة 7 أبريل، اعترفت إسبانيا كذلك بالاستقلال التام للبلد الجار بتوقيع التصريح المشترك والبروتوكول الإضافي بين وزيري خارجية إسبانيا ورئيس حكومة السلطان، نصت الاتفاقية على ضروة انتقال السلطة إلى المغاربة على مراحل، مع بقاء الجيش الإسباني ونظامه ساري المفعول ولم يعد أمام إسبانيا خيار آخر بعد استقلال “المغرب الفرنسي”.
في ظل الأوضاع الجديدة، وبما أن دولا أخرى أقامت لها قواعد عسكرية فوق التراب المغربي فلم لا تحصل إسبانيا على مثلها “الحلف الإسباني المغربي لابد أن يدعم باتفاقية الأمن المتبادل ” هذا ما قالته صحيفة YA يومئذ، وأضافت محذرة :”إن حكومة المنطقة مدينة بعشر آلاف مليون بسيطة Pesetas”.
أما في طنجة، فقد شرعت الرساميل والذهب المودعة في البنوك في الهرب على عجل إلى جنيف مخافة ألا تبقى المدينة الدولية ملاذاً آمنا للثروات، وحسبك هذا المثال:
كان في طنجة ثلاثون طناً من الذهب في شهر يناير، ولم يبق منها بعد ثلاثة أشهر سوى ثمانية أطنان.
استقبل محمد الخامس بحفاوة في مدريد يوم 4 مارس، وبدأت المحادثات الإسبانو مغربية.
أما في المنطقة الفرنسية، ففي ذلك الربيع جرت أحداث مقلقة، من اعتداءات واغتيالات متعددة، ففي مراكش مثلا اغتيل أزيد من 25 شخصا ببشاعة، وتلقى الجيش التعليمات بإطلاق النار على الحشود الغاضبة.
تسلم السلط:
شرع في المحادثات مع بداية شهر يوليوز في تطوان من أجل تسلم السلط في منطقة الشمال من الحماية، ستحافظ جميع المراكز الإدارية على أسمائها ويرأسها مغاربة، بمساعدة مستشارين تقنيين إسبان، وبالتدريج ينتقل موظفو القطاع العام الإداري في المحمية لإعادة انتشارهم وإدماجهم في الإدارة الإسبانية.
الأمن أول ما استرده المغاربة في تطوان من مصالح، الأمن الوطني، والمخازنية أرمادا Armada ، ثم تلتها مندوبية الثقافة والمالية، وفي أواخر يوليوز، “المحلة ” [فئة من الجيش ] والتي بقي على رأسها الجينرال مزيان قائد الجيش الملكي في منطقة الشمال، والذي كان من قبل جينرالا على سبتة من 1950 إلى 1953.
في شهر غشت عين العاملان المدنيان الجديدان على تطوان وشفشاون، وفي الوقت الذي أعفي فيه مندوبا مصالح الإقامة العامة، كما قدم المدير العام للشرطة في منطقة الشمال استقالته للسلطات المغربية فقبلتها.
التمثيلية الإسبانية الوحيدة المتبقية في المغرب هي السفارة في الرباط، كما أسند تسيير القوات العسكرية الإسبانية في منطقة الشمال إلى جينرال مقيم في سبتة .. الجينرال گاليرا وفي سادس غشت صدر مرسوم من رئاسة الحكومة بإعفاء المقيم العام رفاييل گارسيا بالينيو من مهامه، فتجشم الجينرال گاليرا إدارة المهام الصعبة بسحب قواتنا من المغرب، في ذلك الصيف الملتبس تحول اسم مدينة ?يلا سانخورخو إلى الحسيمة، وتحول بويرتوكاياس إلى الجبهة.
وداعاً للفرنسيين:
في شتنبر أُبعدت جماعات كبيرة من الفرنسيين لأنشطتهم الدعائية المعادية للحكومة المغربية، وتفاقمت الوضعية في أكتوبر بعد الشغب الذي أُحدث في منطقة الجنوب والذي أدى إلى مقتل 31 فرنسيا وجرح 24 آخرين في خضم الاضطرابات التي نجمت عن اعتقال عناصر من جبهة التحرير الوطني الجزائري، بينما سلست الأمور في منطقة الحماية الإسبانية، وبدأ النزوح البطيء للإسبان في اتجاه سبتة وشبه الجزيرة بعد أربع وأربعين سنة من الحماية.