إصلاح المنطق العدد 25

استعار أبو العيال هذا العنوان من كتاب ابن السكيت الذي ألفه في القرن الثالث الهجري، بعد أن لاحظ شيوع اللحن وفساد اللغة، فذكر الخطأ وأردفه بالصواب مساهمة منه في إصلاح المنطق، وهاهو أبو العيال بعد إثني عشر قرنا يعيد الكرَّة من أجل إصلاح المنطق

*****

ألفت انتباه القارئ الكريم إلى أنني لست نسيج وحدي ، ولن يتوقف الإصلاح بعدي، فجل الصحف تتناول هذا الموضوع، وتخصص صفحة كل أسبوع، تنتقد فيها برامج الإذاعة والتلفزة، وتنبه فيها على أوهام وتصوب ما أشكل على الأفهام، وشعوراً من الغيورين على لغة الضاد بهول المصاب، نجد رجلا في مكانة الأستاذ عبد الهادي بوطالب يتصدى لهذا الوباء بمعجم ضمَّنه تصحيحات للغة الإعلام

لكن في رأيي أن إصلاح المنطق، لن يتم بهذا المنطق، مادام المنطق مرفوضاً ولن يتحقق، وأن كل من تمنطق تزندق، وستظل آذاننا بأخطائهم تتمطرق

لم يبق إلا التعزير، فمن كسر المبني على الفتح نكسر أقلامه، ومن جرَّ المنصوب قررنا خصامه، ومن صرف الممنوع نصرفه ببرقية، ومن منع المصروف نمنعه من الترقية، ليكون عبرة لمن يعتبر
لطالما استفز بصري أو سمعي، أوهما معاً صوت نشاز أو خطُّ لكَّاز وسأذكر بعضاً منها مَتْحاً من الذاكرة، دون الجمع بينها بآصرة

صادفت مراراً في الصحافة المكتوبة قولهم  هذا شيء عادٍ  والصواب عاديُّ منسوب إلى العادة بياء مشددة، وليس إسم فاعل من عدا يعدوî فالعدو له ميدانه
هذا الخطأ يكون فاضحا في المكتوب، أما المسموع فكثيرون هم الذين لا يميزون بين التاء الثنائية والثاء المثلثة، وبين الدال المهملة والذال المعجمة مثل قولهم على هذه الوثيرةî بالثاء المثلثة، وهم يعنون الوتيرة بالتاء المثنى

وشتان بين الوتيرة المشتقة من وتر القوس، والوثيرة صفة الكراسي التي يقتعدونها في فضائيات تنشر غسيلنا في الأربع جهات

ويحلو للكثيرين منع جمع القلة  أفعال  من الصرف كأنه درهم مزيف، توهما منهم أن لفظة   أشياء  مادامت لا تنصرف فكل ما جاء على وزنها لا يختلف

ومعلوم أن الأفعال المزيدة بالهمزة   أفعل إفعالاً  هي وحدها التي ترسم همزتها قطعاً، أما صيغ المزيد الأخرى، مثل افتعل وانفعل واستفعل فمصادرها افتعال وانفعال واستفعال بألف لينة، أو لنقل همزة وصل، من وصلها وصله الله، ولا يجوز البتة قطعها

يُستعمل فعل عمَّر مبنياً للمعلوم للدلالة على التعمير وإصلاح الأرض، وإسم الفاعل منه مُعمِّرٌ  أما إذا كان أصله من العُمُر، فالذي يُعمِّرُ الحيَّ هو الله سبحانه فالله هو المعمِّر وهو المتوفِّي، أما الإنسان فهو معمَّر ومتوفَّى، وقبل وفاة البابا يوحنا بولس الثاني صمُّوا آذاننا بأنه كان يحتضر، وهذا خطأ لأن الرجل يموت، والصواب أن نقول يُحْتَضَر بالبناء للمفعول وفي الماضي احتُضِرَ، هو محتضَر، أما المحتضِر فهو الذي يرحل من البادية إلى الحاضرة، والبابا حسب علمنا احتَضَر منذ زمان في حاضرة الفاتيكان

ويشيع استعمال فعل  أَقْصَى يُقصيî الرباعي، واشتقاق اسم المفعول منه توهماً على وزن المقصي والمقصية، والصواب أن نقول? هذا فريق مُقصى وتلك دولة مُقصاة في رياضة كذا

وعلى ذكر الرياضة نختم بدردشة حول الواصفين الرياضيين والواصفات ونضيف إليهم النواب والنائبات
يفضل الواصفون تسمية الأهداف المسجلة بالإصابات، مع العلم أن الإصابة تصيب الهدف، وكذلك تصيب الجسد، فمن اللياقة أن نترك الإصابة للمعاناة الجسدية حتى لا يلتبس علينا الأمر هل الإصابة في الشبكة أم في القدم، وتفيد الإصابة معنى التحقق واليقينية، لذا علينا ألا نقول للمرأة أنت مصيبة بمعنى محقة، حتى لا تلتبس بالمصيبة، أي النازلة أو الجائحة أو النائبة، وعلى ذكر النائبة، فلا يستحسن أن نصف بها المرأة، وخصوصاً في صيغة الجمع بنوعيه، السالم، النائبات ومنتهى الجموع النوائب، ومن الأفضل أن نسميها خليفة للوزير، أو ممثلة للشعب في مجالس التسيير

إدريس اعفارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top