بمجرد الإعلان عن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية ثاباطيرو إلى المغرب بدأت الصحافة في إسبانيا تتصنف، فهؤلاء حمائم تنشد السلام والتعاون، وأولئك صقور تتربص للانقضاض . وإليكم هذه العينات اخترت بعضها قبل موعد الزيارة (2008/7/11) تليها أخرى في يوم الزيارة، وثالثة ما بعد الزيارة.
قبل الزيارة
الخبراء في طنجة يراهنون على قيام اتحاد يتسم بالمساواة والتضامن بين الدول المتوسطية . فقد ذكرت وكالة أوربا بريس أنه اجتمع هذا الأسبوع (2008/7/06) في طنجة خبراء من عالم الصحافة والاجتماع والإعلام والتعاون الدولي من أجل المشاركة في حلقات دراسية حول فكرة العلاقات التي تربط بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار الدروس الصيفية التي تنظمها الجامعة الدولية في الأندلس (UNIA) بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي (JAE) من المغرب.
وقد أجمع مختلف الخبراء الذين هبوا للمشاركة في هذه الحلقات الدراسية في طنجة، على أن ولوج المستقبل بالنسبة للمناطق المتوسطية متوقف على مفاتيح المساواة والتضامن، وتطوير تقنيات الإعلام.
في هذا الإطار ذكر المنسق العام للنشاط الخارجي في مجلس منطقة الأندلس ألبرتو مورياس فرناندث، الذي تولى تسيير حلقة حول موضوع :”الحكامة في الحوض المتوسطي والتحديات الإقليمية ” ، أعطى رؤية متفائلة حول علاقات الأندلس بدول حوض المتوسط، وركز بالخصوص على أنهم يبذلون مجهودات من أجل :”التعاون الحدودي مع شمال المغرب” وأضاف السيد مورياس بأنه توجد برامج نوعية للتعاون، والتي ترتبها الأندلس بمشاركة مع الاتحاد الأوربي.
أما الأستاذ خوان أنطونيو غارثيا گالندو J.A.G. GALINDO من جامعة مالقة (JMA) ، فإنه اقترح تطوراً مدعماً ومبنيا على المساواة عبر “التضامن ما بين الجهات” وبين الشعوب التي تقطن الحوض المتوسطي، وأكد بشكل قاطع أن “مجتمع الإعلام سيترسخ، سواء شاءت الدول أم أبت”.
وكان الأستاذ گالندو قد قدم درساً بعنوان “بناء مجتمع الإعلام في الفضاء المتوسطي”.
وانضم إلى رأي أستاذ الصحافة من جامعة كومبلوتنسي بمدريد (JCM) ، خيسوس تيموتيو ألفاريس :J.T.ALVAREZ الذي أكد على أن :”التحولات في شمال إفريقيا ستقوم على يد مؤسسات كبرى للإعلام” لأن الإعلام “صناعة تؤثر في جميع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان”.
عدم تكافؤ شمال – جنوب الحوض المتوسطي
اتفق هؤلاء الخبراء على التذكير بعدم التكافؤ الحاصل بين دول ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية، أستاذ من جامعة مالقة يرى أنه من الضروري :مضاعفة الجهود السياسية في ميدان التعاون ” مع دول شمال افريقيا، لكنه حذر عن سقوط هذه السياسات في فرض أوصياء على الآخرين وبالفعل دافع عن وجوب تحليل هذه المسائل الجهوية انطلاقا من “نطرة شمولية ” وأكد على أنه من الضروري النظر إلى الأبعاد المتوسطية والأورومتوسطية باعتبارها أبعاداً تنموية ” وختم بقوله : “إن شمال افريقيا إن كان ينعم بالتنمية، ومزيد من الديمقراطية، وكثير من التواصل مع الإعلام” فسيكون إيجابيا جداً في علاقاته بأوربا.
وبالعودة إلى خيسوس ألفاريس ALVAREZ فقد رأى من وجهة نظره أن المساعدات على التنمية المخصصة لإفريقيا ينبغي أن تُستثمر في اتجاهين : من أجل توفير جودة في الإنتاج، ومن أجل تحسين نظام التوزيع والتموقع في السوق وتسجيل الحضور ” وفي رأي هذا الخبير، فإن من أهم المشاكل التي تواجه الدول الفقيرة هي صعوبة تصريف وبيع منتوجاتها.
وفيما يتعلق بتطور العلاقات في الحوض المتوسطي، يؤكد المسؤول عن النشاط الخارجي للأندلس ألبرتو مورياس بأنه في الوقت الراهن يقع “تحول جذري ” في المساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوربي من أجل تنمية الكثير من الميادين في الحوض المتوسطي، وهذا من شأنه أن يجعل جميع دول الحوض بشماله وجنوبه تقرر على قدم المساواة، في أمر تسيير وتنفيذ برامج جديدة للتعاون “.
وذكر غارسيا گليندو من جهته “ببيان برشلونة” سنة 1995 الذي يعتبره الاتحاد الأوربي روحاً من أجل تنمية الحوض المتوسطي . والذي يهدف إلى خلق التعاون مع “الاتحاد المتوسطي ” المتكون من عشرين دولة، ومع ذلك لم يفت الخبير أن ينبه إلى ضرورة المزيد من العمل ” في هذا الاتجاه، مع تحسين توزيع، “خطوط الاتصال ” في حوض المتوسط، والتي يمكن للأندلس أن تلعب فيه دوراً مهماً.
الخلاف حول سبتة ومليلية لا يعتبر “عائقاً” في طريق العلاقات
ذكرت وكالة أوربا بريس يوم 7/7/06 من أنه في إطار الإجابة عن سؤال كتابي توجهت به النائبة روس دييث Roza Diez أكدت الحكومة أنها ستعيد -عندما ترى ذلك ضروريا- التأكيد على أن المدينتين المستقلتين وبقية الأراضي الإسبانية في شمال افريقيا بأنها “جزء من وحدة الدولة الإسبانية”.
وفي هذا الجواب نفسه تشيد الحكومة أيضا “بجودة ” العلاقات الثنائية التي تربطها بالمغرب والتي تقوم على أساس “الصداقة، وحسن الجوار، والاحترام المتبادل، والتاريخ المشترك، والإرادة من أجل بناء مستقبل زاهر، واستقرار، وتعاون متنامٍ ” وتضيف الحكومة :”انطلاقا من هذا التعاون الاستراتيجي، استطاعت إسبانيا والمغرب أن يشيدا بنجاح شبكة واسعة ومتنوعة من المصالح المشتركة، التي تشكل إطاراً للحوار. وخلق روابط من أجل المنفعة المتبادلة” للدولتين معاً.
سر?انتس في جبل طارق
عن صحيفة La vangauardia.es ليوم 2008/7/7 للكاتب Jose ve jarano الذي أكد أنه ستتوفر صخرة جبل طارق على مركز لمعهد سر?انتس.
سابقة يمكن أن تفسر بأنها انتصار سياسي للجانيتوس (سكان جبل طارق الموالين لبريطانيا ) لأنهم يعتبرونها اعترافا ضمنيا من طرف الحكومة الإسبانية باستقلالية المستعمرة البريطانية، وسيحقق الوزير الأول في حكومة جبل طارق انتصارا آخر، والمتمثل في زيارة وزير الخارجية موراتينوس، والتي تعتبر الأولى من نوعها لمسؤول حكومي لهذه المدينة، هاتان مبادرتان تمردتا على التقاليد التي تثبت بالملموس أنها غير مجدية في عزل وخنق سكان المستعمرة حتى يجبروا على قبول السيادة الإسبانية على الصخرة، صحيح أن شبكة معاهد سر?انتس أنشئت لتوزع حصريا في الخارج، لكن فتح مركز منها في جبل طارق معناه القبول بأن هذه المدينة ليست من إسبانيا.
إن العقلية التي تحكمت في الدبلوماسية الإسبانية خلال قرون، مازلنا نجدها في المغرب، فهو لا يقبل أية علاقة مع سبتة ومليلية المدينتين اللتين تخلوان من الإجراءات الأمركية بالرغم من كونهما معبرين بصفة مسترسلة للبضائع التي يطلقون عليها هناك “التجارة المعيشية “.
كان يطلق على التجارة غير القانونية مع جبل طارق اسم “التهريب” طيلة فترة حكم فرانكو، وحتى حقبة من بعد استتباب الديمقراطية، إن عدم الاعتراف بالواقع يؤدي إلى مثل هذه الأمور.
إن سياسة العزل والخنق الاقتصادي (سياسة العصا ) أدت إلى تشتيت العوائل المختلطة، وبقي الجبلطاريون لسنوات محرومين من الخضر الطرية والفواكه، وهذا من شأنه أن يولد المزيد من الكراهية للجار، أما اليوم فإن إسبانيا تود زرع الجزر في الشارع المفضي من La linea إلى جبل طارق عوض العدد الهائل من علب التبغ المهرب.
الأمر سيحتاج إلى الكثير من الجزر، والكثير من الانتصارات لمنتخب إسبانيا لكرة القدم، الإغراء مقابل الحكم الجاهز، ليس واضحا إن كان الإغراء سيؤتي أكله، لكن المؤكد هو أن الحكم الجاهز كان مصيبة، وهو رهان على المدى الطويل حتى نحصل على غلته، قد تكون قروناً .
بقي على المغرب، وهو المرتبط بحركية السياسة الإسبانية أن يقوم بالشيء نفسه مع سبتة ومليلية، أن ينشئ مقرات لمؤسسة الحسن الثاني أو ماشابهها، بيد أن الرباط قد تزرع إلا اليسير من الجزر، ولا تحقق إلا القليل من الانتصارات في كرة القدم .