يسكن أبو العيال وصديقه في حيين متجاورين، حي أبي العيال يطل على شارع سبتة، وصديقه على شارع فلسطين، ويستقل كل حي بمسجده الجامع، ويربط بين الحيين طريق ثالث اسمه شارع الحرية
***
طريق الحرية الرابط بين سبتة وفلسطين لم يعد سالكا، ومن يقتحمه قد يسقط هالكا، وإذا عرف السبب، بطل العجب
السبب يا معشر الكرام، استحكام الخصام، بين خطيب فلسطين الهمام، وخطيب سبتة المقدام
زعم خطيب فلسطين أن الاحتفال بعيد المولد النبوي بدعة، أحدثت أيام السعديين، وأن كل محدثة بدعة وكل بدعة ظلالة،و وكل ظلالة في النار، فيالهف نفسي على من يحتفل، ويشتري ما يلبس وينتعل
أما خطيب سبتة، فبعد أن صال وجال، ولعن النساء والرجال، أفتى بتكفير المقصرين في الاحتفال، وادعى بأنهم لا يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لا يحب رسول الله لا يحبه الله، فهو إذن من أصحاب السعير
خطيب سبتة جعل غير المحتفل في السعير، وخطيب فلسطين جعل المحتفل في نار ذات زفير ونُفخ بين الحيين بالنفي، وتبادل الناس الشتم والتكفير، وسدت طريق الحرية عن العبور والتعبير
بالله عليكم، أليست هذه مناقشة بيزنطية؟ أما ينقصنا سوى الإفتاء بتكريم أو تحريم أو تجريم؟
لكن مهلا أبا العيال? لقد طفا بك الغضب، وفي التسرع العطب، فالرجلان اتفقا وما افترقا، لقد قالا معاً بأنه يجب أخذ العبرة من هذه الذكرى، وليتهما وقفا عند هذا الاعتبار، والتماس الذرائع لبعضهما والأعذار
رحم الله أحد الإخوان المسلمين، إذ مد يده لخصمه المبين، قائلا بكل تسامح ولين? ?لنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيهî
أنصتا أيها الخطيبان، لقد ركب هذا المنطق قبلكما الطالبان، وسارعوا بتدمير التماثيل، وكأنهم تخلصوا من جميع العراقيل، وأمنوا في العقابيل، فتسلط عليهم الطير الأبابيل
يسروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا، وحافظوا على وحدة الأمة والمذهب، إننا في نفس المركب، وليس من حق من كان أخطب، أن يكفر الناس عندما يغضب، أرجعوا إلى القرآن الكريم، وتأملوا موقف هارون الحليم، لما استخلفه موسى الكليم، فعصاه بنو إسرائيل وعبدوا العجل، أعني أشركوا، ولا كبيرة كالشرك، وليست كالاحتفال أو الترك، فما كان جواب هارون في الاعتذار لأخيه إلا أن قال ? إني خشيت أن تقول فرَّقت بين بني إسرائيل، ولم ترقب قولي
هذا نبي الله يتساهل مع المشركين حتى لا تحدث الفرقة، وأنتم تكفرون من يحتفل في حلقة ومن يتحفظ برقة
كان أولى بنا أن نُعبِّد شارع الحرية الرابط بين سبتة وفلسطين عوض الانشغال بحرب أحياء متسلطين، ونضع رؤوسنا كالنعامة في الطين، وعلى كل حال وحين، أبارك لكم ذكرى مولد النبي الأمين