كتبت يوماً يا أبا العيال عن القواعد، كذا جمعاً، وقلت إنهم بنوا لجيشهم القواعد، وخربوا بلد القواعد، وقتلوا أطفالاً وقواعد، ونحن قواعد قواعد، أنتم قواعد ذاك شأنكم، أما أنا فمهموم بمفرد القواعد، أعني القاعدة، سأحيطك بها فائدة، ولن أفوه بكلمة زائدة، فأنا هارب آبق من القاعدة
وإليك الحكاية من البداية، سأعود إلى البداية ولكن بعد النهاية، الحقيقة أنني كنت قد نسيت الحكاية ولكن وسائل الإعلام تفضح بقصد صحفي أو سعاية، كل من اتهم أنه اتخذ القاعدة غاية ويفيضون في الحديث عن أسامة والقاعدة، ويكتبون بلغاتهم Alqaeda ، وأقرأها القايدة، وهنا مهبط المركبة، إذ أتذكر طفولتي المغتصبة
إذا كان العرب يخشون القواعد جمعاً، والغرب يخشاها مفردة طبعا، فأنا بدوري أرهب بالقايدة طامو قطعاً
سمعت بدون شك الأغنية الشعبية سرجوا لي عودي وأراولي لجامو باش تركب عليه القايدة طامو
تعرفت على هذه القايدة صغيرا، عندما كنا نتحلَّق حول المذياه لنستمع باهتمام إلى حلقات أو تمثيلية إذاعية مغربية تذاع من طنجة
لكن القايدة طامو التي ترعبني غير طامو الجبَّارة، التي قهرت الرجال والإدارة، بل هي لرجال الشرطة سيارة، افتبست اسمها من القايدة القهارة، القايدة التي ترعبني غير قاعدة أسامة، ولكن ما يجمع بين القاعدتين أو القائدتين أكثر مما يفرقهما، لا يسلم من الإرهاب من يصادفهما
كنا -نحن الأحداث- نتأخر في المقهى أو قاعة الأفراح، فتعترض القايدة طامو سبيلنا عند الرواح، وشحننا إلى المخفر حيث نبيت حتى الصباح، هذا إن لم يكن يوم أحد أو عطلة ذلك الصباح، وإلا فليلة أخرى قبل السراح، وبشرط أن تصفو سيرتك كالماء القراح
لا تسألهم إن كان لاعتقالك أسباب، ولا توجه لهم اللوم والعتاب، وخير لك أن تقنع من الغنيمة بالإياب، حتى لا يتلقف لك من التهم كتاب، وعندها -ياويلك- سيطول الغياب
كانت التلفزة المغربية تقدم لنا كل سبت سهرة فنية كبرى، وكنا نتابعها في المقاهي إلى منتصف الليل، ونحن في طريق العودة، اعترض سبيلنا رجلان باللباس المدني، وطلبا من رفيقي ورقة التعريف، ولحدة في طبعه، قابلهما هو أيضا بإشهار هويتهما لأنهما لا يرتديان زياً رسميا، وعلى حين غرة انقضا عليه وكبلاه بطريقة غريبة ومؤلمة، أخدا يديه، واحدة من الأمام والأخرى خلفه، وجمعاهما عند ظهره بالأصفاد وكانت القايدة معهم على ميعاد، وبمجرد أن تيقنت أنا من المراد، أطلقت ساقي للريح كما يفعل الأوغاد، وبعد يومين أطلق سراحه وهددوه بالسجن لو عاد
هذا غيض من فيض تجاوزات القائدة، في الأيام الخوالي والأزمنة البائدة، يوم كان الحياد والحرب الباردة، كل يتفنن في دفن والده أو والدة، أما الآن فالعالم قرية واحدة، وحلت القاعدة محل القائدة، غزوة منها على المستضعفين بدماء باردة، وتعقب لها بخبراء الدول المطاردة، فيقتل أبرياء في خضم شاردة أو واردة، ويعتقل كثيرون في أماكن متباعدة ثم تحقيق وتعذيب بدون فائدة
تطورت الأمور واستكبر القوم وتعاظموا
كنت تُعتقل ليلة إن جمعتك القايدة طامو
أما اليوم فقد ترسل إلى وارسو أو وانتانامو
لمجرد الشبهة اعتقل الناس ولم يحاكموا
وإن عوتب القوم على شططهم تناوموا
رحم الله زمانا-على سيئاته- وأهله مهما ضاموا
سرجوا لي عودي وأراوا لي لجمامي
باش تركب عليه القايدة طامو