تهتم مختلف المنابر الإعلامية في جارتنا الشمالية بما يجري في بلدنا، وتنقل صورا من حياتنا، وتنشر غسيلنا بنفيسه وخسيسه . وبما أن العالم قرية صغيرة، فقد أصبح في مقدور أي كان، وبنقرة على أزرار الحاسوب أن تتدفق عليه الأخبار، ولم يعد ممكنا ارتداء طاقية الإخفاء، ولا إسدال ستائر، أشعة الإعلام تقتحم علينا خلواتنا، وتكشف إنجازاتنا وعوراتنا، المنصف منهم ينقل الحقائق، والمجحف يشعل الحرائق.
كتب خوسيپ ساوري Josep Sauri مراسل جريدة “Elperiodico.com” من المغرب يوم 2006/4/18 تحليلا لتقرير البنك الدولي الأخير الذي يدق ناقوس الخطر ويبين ما آلت إليه الأمور الاقتصادية في بلدنا، واختار خوسيپ لمقاله عنوان : ولما يبرح المغرب متاهته، جاء فيه :
أعلن البنك الدولي يوم الجمعة الماضي أنه على الاقتصاد المغربي أن يحقق نمواً بنسبة 6 ? (ضعف ما يحققه الآن تحديدا) إن هو أراد أن يقلل من الفقر والبطالة، ويتلافى خطر الأزمة الاجتماعية.
أ) وجوب التحرر من ثقل الموازنة بالإصلاح:
تتفاقم معضلة تزايد السكان النشيطين في المغرب، والتي ستنفجر في السنوات المقبلة، وهكذا فلا البطالة تتراجع (11 ? حسب أرقام رسمية مشكوك فيها ) ولا الفقر يقل، الشيء الذي قد يخلق ضغطا على المستويين السياسي والاجتماعي .
يحدث هذا لأن التغيير البنيوي للاقتصاد المغربي “بطيء جدا ” حسب رأي البنك الدولي . التقرير ينتقد أيضا السياسة الضريبية التي “تثقل كاهل المؤسسات ” وبرغم “بعض التقدم أخيرا ” الناتج عن إبرام اتفاقيات تجارية، يبقى “مستوى الحماية الجمركية جد مرتفع ” بالإضافة إلى جفاف حقل الشغل، ونظام الموازنة الثابت الذي تسبب في استقرار القيم وما يترتب عنه من ردود فعل اقتصادية “لا تشجع بشكل كاف على التنافسية الدولية”.
ومن هذه العوائق أيضا قلة الاحترام لحقوق الملكية، وغياب التنسيق بين القطاعين العام والخاص، وضعف مستوى التكوين الشيء الذي معه “يتعذر على المستثمرين إيجاد يد عاملة مؤهلة”.
ب) الوصفة: التنويع ومزيد من القيمة المضافة:
نصف صادرات المغرب تخص النسيج والفوسفاط وأمام “صدمات الإكراهات الخارجية ” المتمثلة في الأسواق التقليدية المنافسة كالصين وتركيا وتونس، ينصح البنك الدولي بالمراهنة على تنويع المنتوج الذي يحقق قيمة مضافة ويقوى على المنافسة .
ولصعوبة تطبيق هذا الكلام في بلد نسبة الأمية فيه تقارب 50 ?، فإن التقرير يقترح البدء بتقليص الضرائب ورفع الحواجز الجمركية، وتحسين الأجور، والمرونة في نظام التبادل، وجودة في التكوين المهني.
رهان آخر، يتمثل في السيطرة على الموازنة، والتخفيف من أعباء المديونية العامة، وتخفيض رسوم الموانئ المفروضة من أجل عبور المضيق، ومواصلة محاربة الرشوة، وتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة Las pymes والإصلاحات القضائية التي تيسر دخول المؤسسات الاستثمارية إلى الميدان.
ج) شكوك حول مصداقية المقترح:
لقد تولى تشخيص الحالة محللون من البنك الدولي، ولكن الشكوك تحوم حول تطبيق هذه المقترحات، يقول الأستاذ ادريس بنعلي من جامعة الرباط . ورئيس جمعية “بدائل ” :”حاول المغرب في السنوات الأخيرة تحقيق، بعض التوازن الماكرو اقتصادي، ولا تنقصه سوى النظرة البعيدة الأمد، كما أنه يقف حائرا أمام ظاهرة الفقر” والأنكى أنه في بحر ما بين خمس إلى عشر سنوات سيلتحق بسوق العمل طالبون جدد يقدر عددهم بثلاثة ملايين كلهم من الشباب ضعيفي التكوين.
ويقول إنييگو موري Inigomoré مدير مجلة: Magreb Negocios “من الصعوبة بمكان توفير هذا الكم الهائل من مناصب الشغل على عجل في المغرب، هذا لم يتحقق لأحد، ولا حتى في جنوب شرق آسيا”.
ويضيف الأستاذ بنعلي شاكيا:”النظام التعليمي في المغرب مصنع ضخم لإنتاج العاطلين”.
أما موري Moré فيعلق بعض الآمال على “احتياطات فعّالة ” فضاءات وقطاعات قابلة للتطور، يذكر منها ثلاثة : ؛ إعادة فتح الحدود مع الجزائر (يضيع على المغرب بسببه 3.750 مليون أورو سنويا ) ثم السياحة، والصادرات الفلاحية .
وإذا لم ينطلق النمو الاقتصادي، فلن يبقى أمام شباب المغرب خيار آخر، غير ذلك المعهود، الإقدام على الهجرة.